كان( بلبل ) يلهو سعيدا مرحا في قفصه فقد كانت صديقته الصغيرة (سميرة ) تعتني به كثيرا. . . تضع له الطعام والماء كل صباح وتنظف القفص وتستمع اليه وهو يغرد الحانه الشجية وتحميه من الاخطار. ذات صباح قررت سميره ان تاخذ القفص الى الحديقة وتعلقه على احد الاغصان بحيث لاتصل اليه القطط لان( بلبل) بحاجة الى تغيير المكان وفي الحديقة يستطيع ان يستمتع بمشاهدة الزهور والفراشات والنحلات وهي تدور على الازهار ومخاطبة الطيور والعصافير والبلابل .. وتعود به عصرا الى داخل البيت ليروي لها مارأى وما سمع ....... ما ان رأته الطيور في قفصه المعلق على الغصن حتى فرت جميعا من الحديقة رغم نداآته وصيحاته عليهم للبقاء ليعرفهم بنفسه. ظل(بلبل ) ساكنا مبهوتا وهو يتامل الى الحديقة الجميلة الساكنة وقد خلت من جميع العصافير واليلابل دون ان يجد تفسيرا لما حصل ...بعد حين راى(بلبل ) بلبلا في اعلى شجرة فناداه يسأله يلهفة: مابال البلابل هربت عندما رأتني؟
اجابه البلبل :الاتعرف ؟ حسنا انها تخشى ان يصيبها ما أصابك.
ولكني بخير كما ترى : قال( بلبل).
ضحك الاخر هازئا : بخير؟ أي خير؟ وانت محبوس في هذا القفص ؟
قفص؟ رد ( بلبل) أي قفص؟ هذا بيتي الذي اعيش فيه. الا تتمنى ان يكون لك بيتا جميلا مثله؟
أي بيت هذا؟ قال الآخر وانت لاتستطيع الخروج منه. نحن نصنع بيوتنا بين الاغصان ، انظر واشار الى احد الاعشاش.
قال( بلبل ) : ولماذا اخرج؟ وصديقتي سميرة تتولى كل شيء: الطعام والشراب وكل شيء.
قال الاخر: واضح انك ولدت في هذا القفص ولا تعرف معنى الحرية ,
اجاب( بلبل ) : ولكني حر تماما. انا حر من الخوف, من الموت جوعا او الموت بين مخالب الطيور الكبيرة البغيضة او القطط .لقد حدثتني صديقتي عنها كثيرا .
ضحك الاخر ثانية وقال: الحرية هي ان تفعل ماتريد ايها الأهبل ماذا تفعل بالجناح اذا كنت لاتطير بين الاشجار متحديا الاخطار ، لتختار الطعام والاصدقاء والحبيبة يامغفل ؟!
الاصدقاء ...الحبيبة ..التحدي ردد ( بلبل ) في نفسه .
ساذهب الان. قال الاخر.
ارجو ان تعود غدا ياصديقي. قال( بلبل) . طار الاخر وهو يرى سميرة تدخل الحديقة . جلس( بلبل) في ارجوحته يفكر في كلام الاخر... فقد الرغبة في الطعام والغناء ولم تجده شيئا مداعبات سميرة له . لم يكن يتصور ان هناك حياة اخرى افضل خارج القفص. جلس صباح اليوم التالي ينتظر عل الآخر يحضر . لم ينتظر كثيرا اذ حضر الاخر ومعه بلبلة جميلة وقال :هذه حبيبتي. اليست رائعة ؟ لقد اتفقنا ان نعيش معا وسوف نبني بيتا في اعلى هذه الشجرة لنا ولصغارنا . نظرت البلبلة الى( بلبل) في القفص وقالت: يامسكين ! الاتستطيع الخروج من هذا السجن ؟ لم لاتحاول ؟ الحرية تستحق منك المحاولة .
قال البلبل: ولكن من يحميكم من الصقور والبوم في الليل؟
قال الاخر: الحياة فرصة ثمينة نحافظ عليها جيدا ونحرص ان نعيشها بحرية دون ان نغفل عن الاخطار. عندنا عيون تراقب واجنحة خفيفة نطير بها وبعد كل شيء هذه هي الحياة مغامرات وتحديات واحلام جميلة الاتحلم انت .؟
كلا. قال( بلبل ) فانا لدي كل شيء تقريبا.
قال الاخر: كل شيء الا الحياة الا الحرية . آسفين , لانستطيع ان نفعل الكثير من اجلك فكل منا يصنع حياته. وداعا امامنا عمل كثير . طار البلبلان وظل( بلبل) وحيدا واحس بان عليه ان يفعل شيئا من اجل نفسه وراح بكل جد يحاول فتح باب القفص بمنقاره واظافره الصغيرة دون ان يلتفت الى الظلام الذي اخذ يلف الحديقة ولا الى اصوات البوم الموحشة التي تنطلق من احدى الاشجار القريبة . تاخرت سميرة عنه كثيرا ذلك المساء وعندما ذهبت اليه وجدت الباب مفتوحا وريش ناعم كثير..... متناثر على الارض .لقد تاخرت عنه كثيرا ...ولم يكن بوسعه المزيد من الانتظار .